2010/05/09

ذكريات على المذبح



دائما ما نصطدم بامواج الطفوله عندما نذهب الى مكان ارتدناه فى طفولتنا فنشعر وكأن أطيافنا قد تجسدت أمامنا وتمر خلالنا فلا تشعر بوجودنا لاهيه فى ضحكها الطفولى الذى نشتاق اليه
هذا ما شعرت به تماما اليوم وانا أعبر شوارع مدينتى فى الصباح الباكر وقد غرق اهلها فى النوم فمازال لديهم الكثير ليناموه فالثامنه مازالت على بعد ساعه
وانا قد اتيت مبكرا ومازال امامى الكثير من الوقت لاقضيه ولم اجد مقهى واحد يغرينى بأن اجلس فيه فالساعه السابعه والشمس لم تصعد على عرشها فى كبد السماء فبدا الجو لطيف جدا يغرى اى انسان رومنسى للتجوال وخصوصا بسبب موجه الحر الأخيره
الشوارع كبيره وفارغه تماما الا من بعض هؤلاء الذين يعملون خارج المدينه فلا اجد امامى سوى ان اتامل البلد وتطورها الذى اذهلنى كثيرا فمحلات الطعام الشامى والايطالى والمقاهى الحديثه وأشباه المولات قد كثرت جدا فى تلك البلد المصريه حتى النخاع
اعبر الشوارع وانا غارق فى منطقه الفراغ  الموجود فى عقل اى رجل أو بالاحرى منطقه اللا شيئ او المعروفه بالسرحان والتى تعتبر من اهم اسباب حوداث المرور للرجال فكلهم يهرعون اليها عندما تشتد بهم الازمات فلا يشعرون بشيئ ولا يشغل بالهم شيئ فهم فى حاله من الصمت الفارغ
يأخذنى من اللا وعى الى الوعى اصطدمى بطيف ابيض شفاف يصطدم بى فابحلق به فاذا هو طفل فى ربيعه الثامن يضحك ووجنتيه تتوردان من الخجل فأشعر تجاه ذلك الطفل بشعور غريب وكأنه شيئ منى
 لكنى لا اتذكر كيف كان شكلى وانا فى مثل سنه ومن منا يعرف شكله انى بالكاد اتعرف على ذاتى فى المرأه كل صباح ولكنى تعرفت عليه من نفس الملابس والضحكه الصغيره وحمره الوجنه التى توقفت عن الاحمرار التى كنت اتمتع بهم وانا صغير
لا اعرف ان المسه ولا اشعر به وهو يعبرنى ذهابا ومجيئا وكأنه فرح بهذه اللعبه ففرحت لكونه يدركنى كما أدركه فابتسمت له وانا أتذكر نفسى فى تلك الايام وكيف كانت احلامى قبل ان يمتصها أحدهم ويحولها كوابيس
ملول مثلى فلقد مل سريعا من لعبه اختراقى فبدأ فى المشى امامى فانسقت وراءه ليرينى اماكن لم ارتادها من زمان فوجدت بيت الجده الذى طالما قضيت فيه ايام وليالى ولا استطيع نسيان ضحكاتى وعبثى فيه ولا يوم قررت اكتشاف المنطقه فكان جزائى علقه سخنه لانى اضعت الطريق وجعلتهم يعيشون مأساه فقد الابن الوحيد لمده 6 ساعات كامله


اقترب من شارع جدتى  وطيفى يسبقنى واتذكر كيف كانت عماراته الصغيره الهادئه والورود التى تزين المداخل والسماء الزرقاء التى لطامل كنت اتمنى ان اعرف سر زرقتها وتعجبت عندما قال لى احدهم ان انعكاس للون البحر فتعجبت لزرقتها فى بلدنا التى تبعد عن البحر
ما أن أدلف الى شارع جدتى حتى يلهينى منظر طيفى عن التشوه الاسمنتى الذى ضرب كل بيوت الشارع بلا استثناء....انه بياضه يقل ويبدو وقد ظهر عليه الاعتلال ويبدو لونه وكأنه يتحول للرمادى ذلك اللون الكئيب الذى لا يضاهيه سوى تلك العمارات الجديده التى اغتصبت الشارع لتحوله الى خواء معمارى فى اسوء استغلال ممكن فلقد بنيت تلك البيوت لتكديس البشر لا لأحتواءهم حتى السماء اغتصوبها فلقد ارهق نظرى طول البنايات عن النظر للسماء الزرقاء
يخرج طيفى من الشارع مسرعا وكأن وجوده هناك يضعفه محاولا ايجاد شيئ ما يقوى طاقته فيمر بسرعه الى مدرستى القديمه التى لطالما احببتها فكل ذكريات المدرسه الابتدائيه كانت سعيده حيث التفوق والنجاح والظهور الذى أحبه وأسعى أليه فلا أنسى طابور الصباح حيث كنت اشارك فى الأذاعه المدرسيه واجرى بسرعه لاقف فى الشرطه المدرسيه وأصعد فصلى لأجلس فى الصف الاول لاتلقى كلمات الأشاده على مستواى وعلى انتظامى...كانت الطفوله مبهجه حتى ظهر ذلك الشريط الاسود عليها تماما كالشريط الأسود الذى اراه دائما على صوره جدى رحمه الله
المدرسه هدت وعماره كبيره فاخره تبنى واسعار الشقق والمكاتب مكتوبه على البنايه الجديده  التى لا اعرف فى اى شقه  من المرسومه فى الموكيت الفاخر الموضوع جوار البنايه كنت اتلقى دروسى ولا فى اى مكتب كنت اتلقى حصص الموسيقى لكنى متأكد ان مكان اذاعتى أذاعه المدرسه قد تحول الى محل جزاره او بقاله
نسيت طيفى فنظرت اليه بعد ان لهانى منظر الدمار الذى لحق بايامى الخوالى التى اندثرت فلم يبق منها شيئ ولا حتى صوره قديمه فوجدته وقد كسا اللون الأسود اجزائه فتحول هو والأسفلت اسفله شيئ واحد حتى تشعر بأنه يختفى فى الأرض كما تتشرب الاسفنجه الماء فيختفى عن ناظرى وقد قتله موت الذكريات
لم اقضى طفوله نصفها سعيده ولكنى السعيد منها اندثر وأختفى ليحل محل عمارات شاهقه ليموت ما بقى من الطفوله لتبقى الذكريات مطبوعه فى القلب وحده يحتوى ذاكره حديديه لا تنسى شيئ فما يدخل القلب لا ينساه وما افرح القلب لا ينساه
استفيق من اوهامى وابتعد عن العوده الى منطقثه اللا وعى وانظر فى ساعتى بعد ان لفحتنى الشمس بعد ان اعتلت عرشها فى اكبار لاجد ميعادى اقترب والوقت قد اخذنى وأنى كنت اخضع لتوقيت زمنى أخر
انظر الى المكان الذى ترعرت فيه واجبرتنى الظروف ان اتركها فاجده تغير ولكن روحه ورائحته مازالت كما هى فلا املك سوةا ان اكتب أرقام الهواتف المكتوبه على تلك البنايه على اعود الى هنا من جديد لأكتب ذكريات جديده اتمنى لها ألا تندثر بسهوله

هناك تعليق واحد:

غير معرف يقول...

المُبدع يُمسك بيديك و يصطحبك من خلال الكلمات في رحله تحول الحروف لواقع من لحم و دم تعيشها و تتنفسها

اسوا شيئ ان تنهار امام عينك نُصب تذكاريه لبرائتك و صفائك و طهارتك فلا تجد الا صورا ضبابيه في ذاكرتك سيأتي زمان ضيعها

ما عاد شيئ مما كانت عليه دمنهور التى كنت اعرفها و احبها و احتضنتني كثيرا

ما عاد شيئ كما كان و لما لا الم نتغير نحن ايضا فلماذا نتعجب ....!!! فذات القُبح فينا

ربما تجد ما تبحث عنه فيها عندما تجد ما ضاع منك

تحياتي أيها المُبدع

صديق قديم