كان يوم عادى من ايام صديقى
ذهب للعمل فى ميعاده
مرتديا تى شيرت ثقيل شتوى
ليجد لفحه الحر فى وجه
ويكاد ان يرمى بالتى شيرت
يركب الاتوبيس الذاهب لعمله
يشغل بعض الاغانى الهاديه
يصل زميله احمد
ويمضى الاتوبيس يقطع العشرين كيلو الفاصله بين بيتهم والعمل
ويمر يوم العمل العصيب
وسط هزار الزملاء
والغذاء
والشغل الكثيف
ويقترب ميعاد الانصراف فى الحاديه عشر
فى تمام التاسعه كان صديقى يتنقل فى مكان العمل
فيخرج خارج المكان ليجد
منظر الضباب وهو يحل على المنطقه كلها
والساعه مازالت فى التاسعه
يرجع مسرعا لزملائه ويبلغهم بما رأى
ويرى نظرات الخوف على الوجوه
فهذا الطريق غير مأمون نهارا
فما بالك بليل ضبابى كثيف
فيقول صديقى
_اهى بدأت الليالى السوده الى كنتوا بتخوفونى منها فى البلد دى
ويخبط بكفيه على ركبتيه فى نوع من اللطم
يضحك الجميع على حركته لان صديقى اجدد واحد فيهم
يرد عليه ابراهيم
_انته لسه شفت حاجه معانا هنا مش هتعرف تبربش عينيك
_انته بتهزر يا هيما.... بجد منظر الشبوره بره يرعب
_ياعم متقلقش طالما انته قلت لك متقلقش خلاص انتهت
يضحك سمير على كلامهم ويهمس فى اذن صديقى
_كده انته غرقت طالما الفقر ده قالك كده
ويضحك صديقى وسمير
فى العاشره والنصف يكون كل من صديقى وابراهيم واحمد خارج الشغل
وفى الطريق الى البوابه
تظهر علامات الخوف على الجميع
فى تلك المنطقه النائيه عن العمار
ويقول صديقى
_انا مش شايف البوابه....الشبوره كثيفه اوى
يرد ابراهيم
_دلوقتى هتشوفها لما نكون قبلها بخمسه متر كده
يعلق احمد
_هيما متلعبش بالواد سيبه فى حاله انا كمان خايف منعرفش نروح
وبعد ان يخرج الثلاثه على الطريق
ويطول انتظارهم
ولا يمل ابراهيم
_دنته هتشوف ليالى اسود من كده هو انته كده شفت حاجه
يرد صديقى
_مترحمنى شويه خليك مع حبيبك احمد
يرد احمد
_لا مهو فضل مركز معايا لحد مجابنى ع الارض
_بصراحه يا .... انته عسل والورديه كانت عاوزاك بجد
_ارحمنى يا ابراهيم فى الجو ده
_ياجماعه طول محنا فى المكان ده مش هنركب
يرد عليه احمد
_ليه بئه يا هيما
_عشان المكان ده محسود واحد عامله عمل
ويكمل
_عارفين لو طلعنا ادام عشر متر بس هنلاقى الفرج جه وهنركب
يضحك صديقى ويقول
_متيجى نمشى ورا البركه ده يا احمد
يرد احمد
_مش فارقه يالا
وفعلا من ان تحركوا من اماكنهم حتى وجدوا سياره
ولكنها ستصل الى نصف الطريق فقط
وركبوا ثلاثتهم السياره
يكلم ابراهيم صديقى
_متشغلى موسيقا رأفت الهجان بتريحنى
يعلق احمد
_او ريا وسكينه هو مبيرتحش غير على موسيقى افلام الرعب والمخابرات
يشغل صديقى موسيقا رأفت الهجان
والسياره تتحرك فى بطء السلحفاه والشبوره تزيد بمرور الوقت حتى يكادوا ان يبصروا ببعض
يرن تلفون صديقى
فيرد
_ايوه ياماما
فيعلق كلاهما
_ماما!!!
ويضحكان على لفظ ماما
فيرمقهما صديقى بنظره شارده ويكمل التلفون ويطمئن امه ويغلق ويكلمهم
_فى ايه؟
يرد احمد
_ايه يا نونو لسه بتقول لامك يا ماما
_امال اقولها يا خالتى
_لا قولها يا حجه..... يا ست الحبايب
_يا عم انا متعود على كده وبعدين انا لسه صغير انتوا الى عجزتو
فيرد هيما
_لو ماما عامله عشاء قولى
_دنته لو جت عندنا احتمال البيت ينفجر
_ليه بس
_ياعم دنته فقر
فيعلق احمد
_اه بصراحه يا ابراهيم
فينظر ابراهيم لكلاهما ويكاد ان يلقى عليهم تعويذه ليحرقهم
وتصل السياره لبلد فى منتصف الطريق
وينزل الثلاثه
ولا يكادوا يتبنوا طريقهم فى الضباب
ويجدوا غيرهم كثيرون
ويبدؤا يلوحوا لاى سياره حتى لو كانت غير مؤهله لتحميل ركاب
وبدات السيارات تمر
ولم يجدوا سياره واحده تتوقف
ويمر امامهم سياره فى الاتجاه المعاكس
ويقول لهم السائق
_انتو وافقين هنا ليه كده متاخر
فيرد ابراهيم دون عن كل الواقفين
_الحب بئه عندنا راندفو هنا
_يا عم روحوا روحوا احسن
_يعنى احنا لقينا مواصله ومركبناش
_اصل الجو شبوره وانا بقالى ساعتين فى السكه
فينظر ابراهيم الي زملاته ويقول
_ده جاى يقطمنا بئه
ويكمل
_هى كانت ناقصاه
ويعقب
_روح ان شاء الله تتقلب فى الترعه
فيسود وجه احمد ويعقب بسرعه على السائق
_يالا يا اسطى سكتك خضره ربنا يحميك
ويقول لابراهيم
_ربنا يستر على السواق ده والركاب الى معاه
يضحك صديقى على الرعب الذى ظهر على احمد بمجرد ان دعا ابراهيم على السائق ويقول
_ده ياعم بيهزر
فيقول احمد
_ده يهزر ده الفقر بعينه زمانه السواق ولع ومش هيلاقوا حتى جثه يدفونها
ويضحكوا
فيقول لهم ابراهيم
_المكان ده منحوس يالا نطلع عشر متر ادام
يرد احمد فى عصبيه
_انته ذلتنا بام العشر متر بتوعك دول لو عاوز تطلع عشر متر اطلعهم لوحدك وريحنا وارحمنا مش نقصاك خالص
يرد ابراهيم فى كل برود
_يابنى اسمع كلامى دنا البركه
فيعقب صديقى
_متيجى نسمع كلامه ونطلع 10 متر محنا جربناه قبل كده وعمل مفعول السحر بتاعه ده
فيرد احمد
_انا مش هتحرك من وسط الناس
وفجاه تظهر سياره نصف نقل مكشوفه
وتقف
ولا يتردد الثلاثه فى ركوبها
ويركب ابراهيم ثم صديقى واحمد
وما كادا الاثنان يركبا حتى تحركت السياره وكادا ان يقعا
ويتمسكا كلاهما ويركبا وينظران لابراهيم ويقولان فى صوت واحد
_ يا فقر....كنا هتموتنا بسبب تركيزك معانا
يركب الثلاثه ويبدا اطلاق النيران والضحكات
النيران المكونه من قطرات الندى والرطوبه والبروده الشديده
وويبدوا فى الشعور بتجمد اطرافهم
ويزداد هذا الشعور كل متقدمت السياره
وينظروا لحموله السياره ليجدوها محمله بجبن ومخلل
فينظر صديقى لابراهيم
_مش كانت عاوز تتعشى يالا طلع وكل
_اه والله الجبنه شكلها مغرى
فيرد احمد
_ده مجنون ويعملها يا .... ويفضحنا
فيرد صديقى
_طب هو يعملها وانا ابلغ عنه
ويضحك احمد
وينظر ابراهيم لصديقى
_ فعلا انته اتعلمت اللماضه...فعلا الورديه كانت ناقصاك
فيرد صديقى
_والنبى ما تركز معايا
ويبدوأو فى السخريه من كل الزملاء فى العمل
ويقلدوا المديره
ويتخيلوها فى مواقف مضحكه
ويضحكوا ثلاثتهم فى سخريه تنسيهم هذا البرد الفظيع
وتمر السياره فى مناطق مظلمه تماما
ويحس صديقى بالظلام احلك
واحلك
ويقول لهم انا مبقتش شايف خالص
فيرد ابراهيم
_انا كمان بس شايف نص نص
_لا يا جماعه انا شايف الدنيا اسودت خالص
فيعلق احمد
_الواد اتعمى يا فقر
_يالهوى اتعمى ايه بعد الشر عليا
فيضحك احد الركاب معهم
ويمد يده الى وجه صديقى ويخلع نظارته التى امتلئت بالبخار المتجمد
والذى اعطى له انطباع انه لا يرى
فيصرخ صديقى فور ا
_انا رجعت اشوف
ثم يكمل
-والنظاره اتلطشت
فيضحك الراكب
_ياعم ولا اتلطشت ولا حاجه انا خدتها لانها كانت مليانه بخار من الشبوره
ويتابع
-ابئه ركب لها مساحات اماميه
ويضحك الثلاثه
ويصلوا الى مدينتهم المضيئه
والضباب يغطيها
وينزل احمد وصديقى
ويحاولا ان يدفعا
فيرفض السائق
ويكمل ابراهيم مع السائق
فينادى عليه صديقى
_خلاص يا هيما يا حبيبى حسابك خالص
ويضحك احمد ويقول
_ربنا يستر على السواق ده واخد واحد فقر معاه
_يا خوفى العربيه دى تولع
ويذهب كل واحد منهم فى طريق
ويجد صديقى طريقه
فاضى بمعنى الكلمه
وينتظرصديقى
ويطول انتظاره
عل سياره تاتى لتاخذه وتريحه من هذا الجو الذى اكل عظامه من البروده
ويزداد كثافه الضباب بشكل غير معهود حتى كاد لا يرى السياره التى امامه
وفجاه يبدا المطر ينزل
ويتبدا الشبوره فى الصعود لاعلى
مفسحه مجال للرؤيه قليلا
وتزداد قطرات المطر قوه
ويتذكر موقف وهو فى السياره وزميله احمد يحتضنه من البرد
لا يعرف لماذا كان يتمنى الا تصل السياره
فقد كان شعور الدفء الصادر من احمد
ممتع ولذيذ بشكل فظيع
خصوصا فى جو بارد كهذا
ويجد نفسه وحيدا فى نهايه المطاف
بعدما ضحك واحس بالونس مع زملاته
ينتهى به المطاف دائما وحيدا
ولا يجد احد يتصل ليطمئن عليه
والساعه تجاوزت الواحده فجرا
والضباب عاد بعد ان توقف المطر
وقد زاد جسده ابتلالا وبرودا
فيضحك
وتذكر اغنيته المفضله لفيروز
قديش كان فى ناس
ع المفرق تنطر ناس
وتشتى الدنى
ويحملوا شمسيه
وانا فى ايام الصحو
ماحدا نطرنى
صار لي شي مية سنة
مشلوحه بهالدكان
ضجرت مني الحيطان
و مستحيه تقول
و أنا عيني عالحلى
و الحلى عالطرقات
غنيلو غنيات
و هو بحالو مشغول
نطرت مواعيد الأرض
و ما حدا نطرني
صار لي شي مية سنه
عم ألف عناوين مش معروفة لمين
وديلن أخبار
بكرا لا بد السما
ما تشتيلي عالباب
شمسيات و أحباب
يخدوني بشي نهار
و اللي ذكر كل الناس
بالأخر ذكرني
قديش كان في ناس
عالمفرق تنطر ناس
و تشتي الدنيي
و يحملو شمسية
و أنا بأيام الصحو
ما حدا نطرني
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق